الخميس، ٢٠ مارس ٢٠٠٨

من الهندي إلى محبوبته (ويليام بتلر ييتس) ترجمة محمد عبد الحي

الجزيرة تحلم تحت ضوء الفجر
و الأغصان الضخمة تطرح السكينة
الطواويس ترقص على المروج الناعمة
و ببغاء يتأرجح على شجرة
مشاكسا صورته على صفحة البحر المصقولة ...
هنا سوف نرسي سفينتنا الوحيدة
و نتجول إلى الأبد مشبكي الأيدي
متمتمين بنعومة من شفة لشفة
بامتداد الحشائش وبامتداد الرمال
متمتمين عن كيف هي بعيدة تلك البلاد الصاخبة
و كيف أننا من بين كل البشر
قد اختبأنا تحت الأغصان النائية
بينما ينمو حبنا كنجمة هندية
كشهاب لقلب يحترق
متوحدين مع المد الوضاء ، و الأجنحة التي تومض و ترفرف ،
الأغصان الكثيفة ، و اليمامة اللماعة
التي تئن و تتنهد لمائة مرة ..
عن كيف أننا عندما نموت سوف تتجول ظلالنا
عندما يبعث المساء الصمت في الطرقات المكسوة بالريش
بأقدامنا الضبابية ، بالقرب من ألق المياه النعسان



"The Indian to His Love" is reprinted from Crossways. W.B. Yeats. 1889.

مرثية المتقاعد العجوز (ويليام بتلر ييتس) ترجمة محمد عبد الحي

برغم أني أحتمي الآن من الأمطار
تحت شجرة مقطوعة
فإن مقعدي كان دائما الأقرب إلى المدفأة
بين كل صحبة
يتحدثون عن الحب أو السياسة
إلى أن غيرني الزمان .

و برغم أن الرجال يعدون رماحهم مرة أخرى
من أجل مؤامرة ما
و الأوغاد المجانين
يتمادون قدر طاقتهم
في طغيانهم الإنساني
فإن تأملاتي كانت تنحصر في الزمان
ذلك الذي غيرني .

يستحيل أن توجد امرأة قد تدير وجهها
تجاه شجرة مقطوعة
و الآن .. كل ذلك الجمال الذي أحببته
لم يعد له وجود إلا في ذاكرتي
أني لأبصق في وجه الزمان
ذلك الذي غيرني


"The Lamentation of the Old Pensioner" is reprinted from The Rose. W.B. Yeats. 1893.

أتراح الحب (ويليام بتلر ييتس) ترجمة محمد عبد الحي

اشتجار العصافير على الأفاريز
القمر الكامل المستدير ، السماء الموشاة بالنجوم
و الشدو العالي لأوراق الأشجار المغنية أبداً
كانوا قد أخفوا نحيب الأرض القديم المضجر

ثم أتيت أنت بهاتين الشفتين الحزينتين
و معك أتت كل دموع العالم
و كل أحزان سفنها المجهدة
و كل أحزان السنين الطوال

و الآن .. العصافير المتحاربة على الأفاريز
القمر المتخثر الشاحب ، النجوم البيضاء في السماء
و الهتاف العالي لأوراق الشجر الصاخبة
يرتعدون من نحيب الأرض القديم المضجر


'The Sorrow of Love' is reprinted from An Anthology of Modern Verse. Ed. A. Methuen. London: Methuen & Co., 1921

السبت، ٨ مارس ٢٠٠٨

أنه يتذكر الجمال المنسي(ويليام بتلر ييتس) ترجمة محمد عبدالحي

عندما تطوقك ذراعاي
ألصق قلبي بتلك الروعة
التي – مذ زمن – قد تلاشت من الوجود
بالتيجان المرصعة التي طوحها الملوك
في البرك الضحلة ، عندما فرت الجيوش
بقصص الحب التي حاكتها بخيوط الحرير
النساء الحالمات على الأقمشة
التي أتخمت العثة المهلكة
بالورود التي – من قديم – كانت
تجدلها النساء في شعورهن
نساء السوسن البارد كالندى ، و التي سبرت
لمرات عدة ممراً مقدسا
حيث تطلق سحب البخور الرمادية و تتصاعد
- والتي ، فقط عيون الإله هي ما لم تغشاه -
من أجل ذلك النهد الشاحب ، واليد العابثة
الآتين من أرض مثقلة أكثر بالأحلام
و ساعة مثقلة أكثر بالأحلام من هذه الساعة
و عندما تتنهدين بين القبلة و القبلة
فإني أسمع الجمال الأبيض يتنهد هو الآخر
من أجل الساعات التي سيتلاشى فيها كل شيء كالندى
لكن لهب على لهب ، و عمق على عمق
عرش فوق عرش .. حيث في شبه الغفوة
سيوفهم المستندة إلى ركبهم الحديدية
تستولد ألغازها شديدة الوحدة


"He Remembers Forgotten Beauty" is reprinted from The Wind Among the Reeds. W.B. Yeats. London: Elkin Mathews, 1899.

الأربعاء، ٣٠ يناير ٢٠٠٨

عريس البحر المنبوذ (ماثيو أرنولد) ترجمة محمد عبدالحي

تعالوا - أيا صغاري الأعزاء - لنبتعد من هنا
نغوص ، و لأبعد مدى
فالآن ينادي أخوتي المنتظرين بالخليج
الآن تهب الرياح الرائعة قبالة الشاطيء
الآن تنساب الأمواج المالحة منحسرة إلى البحر
الآن تأخذ الخيول البرية البيضاء في اللعب
تتعاض و تتشاحن و تتمايل مع رشات الموج
أيا صغري الأعزاء .. لنبتعد من هنا
وها هو الطريق .. ها هو الطريق


فلتنادوها مرة قبل أن ترحلوا
فلتنادوها الآن
بصوتكم الذي سوف تعرفه
" مارجريت .. يا مارجريت "
ينبغي لصوت الأطفال أن يكون عزيزا
فلتنادوها مرة أخرى - على أذن الأم -
: أصوات الأطفال و قد توحشت بالألم
"!! يالتأكيد ستعود ثانية "
فلتنادوها مرة و لنبتعد
و ها هو الطريق .. ها هو الطريق
أمنا العزيزة .. أنا لا نستطيع البقاء "
" فالجياد البرية البيضاء ترغي و تزبد
مارجريت .. يا مرجريت


تعالو - أيا صغاري الأعزاء - لنغوص مبتعدين
و لا تنادوها ثانية
فلتلقوا نظرة واحدة و أخيرة على المدينة ذات الحوائط البيضاء
و الكنيسة الرمادية الصغيرة على الشاطيء العاصف
ثم غوصوا
فهي لن تأتي ولو ناديتم طوال النهار
ولنبتعد .. لنبتعد


أيا صغاري الأعزاء .. أكان ذلك أمس
أحقا سمعنا الأجراس العذبة عبر الخليج
في الكهوف حيث كنا نتمدد
عبر سطح المياه ، وخلال الموج
أسمعنا الصوت البعيد لجرس فضي
في الكهوف المفروشة بالرمال - الباردة العميقة - حيث
الرياح قد نامت تماما
حيث الأضواء الخافتة ترتعش و تومض
حيث تتمايل أعشاب البحر مع التيار
حيث تتغذى الحيوانات البحرية - متحلقين في دائرة - على
الرواسب في أرض مرعاهم
حيث تتحلزن ثعابين الماء و تتضافر
و تجفف حراشفها و تستدفئ في المياه شديدة الملوحة
حيث تعبر الحيتان الضخمة مبحرة
تبحر ، وتبحر - دون أن يغمض لها جفن - حول العالم
و إلى أبد الآبدين
متى مرت الموسيقى من هنا
- أيا صغاري الأعزاء -
أكان ذلك أمس ؟


أيا صغاري الأعزاء .. أكان ذلك أمس
فلتنادوها مرة أخيرة - عندما ذهبت ؟ -
ذات مرة كانت تجلس معكم و معي
على عرش من الذهب الأحمر في قلب البحر
بينما أخذت صغراكم على ركبتيها
تمشط لها شعرها ، وتعقصه لها بإحكام
عندما هبط ألينا متهاديا صوت الجرس البعيد
فتنهدت ، و نظرت لأعلى عبر البحر الرائق .. قالت
يجب أن أذهب للصلاة مع قومي
في الكنيسة الرمادية الصغيرة على الشاطيء .. اليوم
أنه سيكون عيد الفصح في العالم كله .. حسرة علي
بينما أنا أخسر روحي المسكينة - أيا عريس البحر - هنا بجوارك
قلت : فلتصعدي - أيا حبيبتي - عبر الأمواج
ولتتل ِ صلواتك ، ثم عودي إلى كهوف البحر الطيبة
فابتسمت هي ، وانطلقت صاعدة عبر السطح إلى الخليج
أيا صغاري الأعزاء .. أكان ذلك أمس ؟


أي صغاري الأعزاء .. ألنا كثير وحدنا ؟
إن البحر يثور ، و الصغار يبكون
و قد طالت الصلاة - هكذا قلت - في العالم الذي يقولون عنه
تعالوا .. هكذا دعوتهم ، و صعدنا عبر السطح إلى الخليج
مجتازين الشاطيء إلى المنحدر الرملي
حيث تزهر مخلفات البحر للمدينة ذات الحوائط البيضاء
و خلال الشوارع الضيقة المبلطة ، و التي قد سكن فيها كل شيء
إلى الكنيسة الرمادية الصغيرة على التل العاصف
من الكنيسة أتت إلينا أصوات القوم الذين يتلون صلواتهم
لكننا و قفنا في الخارج وسط هبوب الرياح الباردة
و تسلقنا القبور ؛ على الشواهد الصخرية التي أبلتها الأمطار
فاستطعنا أن نرى ممشى الكنيسة المؤدي للمذبح عبر أسياخ السياج المطلية بالرصاص
كانت تجلس بجوار العمود .. لقد رأيناها بوضوح
" مارجريت .. بست ، تعالي بسرعة .. أننا هنا "
" يا حبيبتي - هكذا قلت - أن لنا كثير وحدنا "
" والبحر يثور ، و الصغار يبكون "
لكن آه .. أنها لم تمنحني ولا حتى نظرة
فعيناها كانتا ملتصقتين بالكتاب المقدس
و القس أخذ يرتل بصوت عال ، و صفق الباب في و جوهنا
فلنبتعد أيها الصغار ولا تنادوها ثانية
فلنبتعد ، ولنغوص ، ولا تنادوها ثانية


نغوص ، نغوص ، نغوص
نغوص لأعمق أعماق البحر
أنها الآن تجلس إلى عجلتها في المدينة المهمهمة
تغني في قمة السعادة ،
أسمعوا ماذا تغني : " ليعم الفرح .. ليعم الفرح
بالشارع المغمغم ، و الطفل لاهيا بلعبته
و القس ، و الجرس ، و البئر المقدسة
بعجلتي التي أغزل عليها
" ولنور الشمس المبارك
و هكذا تغني جهد طاقتها
تغني في قمة سعادتها
إلى أن يسقط المغزل من يدها
و تسكن عجلتها الطنانة
فتتسحب إلى النافذة ، وتنظر إلى الرمال
ثم تتجاوز الرمال إلى البحر
حتى تستقر عيناها على نجمة
و هناك .. أبدا لآ تتنهد
و هناك .. أبدا لا تذرف دمعة
من عيون غامت بسحب الحزن
و قلب مفروش بالأسى
تنهيدة طويلة .. طويلة
على عيون باردة ، غريبة لعروس بحر صغيرة
و تلألوء شعرها الذهبي


فلنبتعد .. فلنبتعد بعيدا أيها الأطفال
وتعالوا أيها الأطفال .. تعالوا لنغوص
الرياح بصوتها الأجش تهب باردة
فتسطع الأضواء في المدينة
و سوف تهب هي من نعاسها
عندما ترج العواصف الباب
سوف تسمع الرياح تعوي
سوف تسمع الموج يزأر
أما نحن فسنرى
بينما الأمواج فوقنا تزأر و تدوِّم
سقف من الكهرمان
و أرض من اللآلئ
مغنين : "هنا .. قد أتت ألينا أنسانة فانية
لكنها كانت في قمة الجحود
و هكذا سنقبع في وحدتنا إلى الأبد
" نحن ملوك البحر
لكن - أيها الأطفال - عند انتصاف الليل
عندما - ناعمة - تهب الرياح
و - صافيا - يسقط ضوء القمر
و يكون المد الربيعي منخفضا
و الهواء العليل يهب ناحية البحر
من المروج المتلألئة بالأزهار
و الصخور العالية تلقي بخفة
على الرمال الشاحبة بعض الظلال
من مكاننا على الشواطيء المتلألأة
من الخلجان حيث نتمدد
من فوق الشواطيء المغطاة بأعشاب البحر اللامعة
و قد تركها المد المنحسر حافة
سوف نحدق من فوق تلال الرمال
في المدينة البيضاء النائمة
في الكميسة الواقفة على التل
: ثم نهبط لنغوص من جديد، مغنين
هناك .. تقبع لنا محبوبة "
لكنه في قمة القسوة
فهي تركتنا إلى الأبد في الوحدة
" نحن ملوك البحر

الأحد، ٢٥ نوفمبر ٢٠٠٧

الحكماء الكهول يبجلون أنفسهم في الماء (ويليام بتلر ييتس ) ترجمة محمد عبد الحي



لقد سمعت آباءنا الكهول يقولون:

"كل شيء يتبدل

وواحد  بعد واحد سوف نقطر لنهايتنا"

كانت لهم أيدٍ كالمخالب، وركبهم

كانت ملتوية كأشجار الشوك العتيقة

بجوار المياه

"كل ما هو جميل ينسرب لنهايته

تماما كالمياه"

 

"The Old Men Admiring Themselves in the Water" is reprinted from In the Seven Woods. W.B. Yeats. New York: Macmillan, 1903.