الأربعاء، ٢٩ أكتوبر ٢٠٠٨

الحكاية الأولى : الغربان السبعة - الأخوان جريم .. ترجمة محمد عبدالحي

في سالف الزمان عاش رجل عنده سبعة من الأولاد ، و كانت أمنيته الوحيدة في الحياة هي أن يرزقه الله ولو بنتا واحدة ، لكن ذلك لم يحدث .. حتى جاءته زوجته ذات يوم ، و بشرته بقدوم طفل جديد . و عندما وضعت الزوجة مولودها كانت بنتا ، فكانت فرحة الرجل بها عظيمة . لكن الطفلة كانت في غاية الشحوب ، و غاية الصغر ؛ فرأى الأب أن يعمدها1 في المنزل لضعفها الشديد فبعث بأحد أولاده ليجلب بسرعة بعض الماء من البئر القريب من أجل العماد فرافقه باقي أخوته ، و بينما هم يتسابقون من يجلب الماء و يعود به أولا .. سقط الدلو منهم داخل البئر و لم يستطيعوا استخراجه ، فوقفوا حائرين ، ولم يجرؤ أي منهم على العودة للمنزل بدون الماء .
عندما تأخر الصبية ، أخذ الأب يفقد صبره شيئا فشيئا ، و يقول :
- هؤلاء الملاعين .. لابد أنهم انشغلوا باللعب ونسوا امر الماء
وبمرور الوقت أخذ قلق الأب يزداد من ان تموت طفلته الصغيرة دون أن تعمد , حتى وصل إلى قمة الغضب فصاح :
- لكم اتمنى ان يتحول هؤلاء الأشقياء إلى غربان
ولم يكد الأب يتم كلماته حتى سمع حفيف اجنحة فى الهواء فوقه , وعندما رفع رأسه كان سبعة من الغربان فى سواد الفحم يحلقون إلى بعيد.
ظل الأبوان يحاولان مرارا إبطال تلك اللعنة فلم يستطيعا , لكن وبرغم حزنهما الشديد لفقد أولادهما السبعة بهذه الطريقة المحزنة , فقد وجدا بعض العزاء فى تلك البنت الصغيرة التى سريعا ما نمت واشتد عودها وأخذ جمالها يزداد يوما بعد يوم . ولوقت طويل ..عاشت الصغيرة لا تعلم شيئا عن اخوتها السبعة الذين كانوا لها ذات يوم حيث كان أبواها يخفيان الأمر عنها جيدا , حتى جاء يوم سمعت فيه بعض الأشخاص يتهامسون عنها ، و يقولون :
- هى بالطبع فتاة جميلة , لكن إن كان هناك من يتحمل اللوم على ماحدث لإخوتها السبعة فيجب ان تكون هى!
فاضطربت الفتاة , واسرعت إلى والديها لتسألهما إن كان لها حقا سبعة من الأخوة, وماذا حدث لهم ؟! .. عندها لم يستطع الأبوان كتمان الإمر , فأخبراها بما حدث , وقالا أن ما أصاب إخوتها كان إرادة الله , وأن مولدها لم يكن إلا سببا بريئا ليتم القدر , ومع ذلك أخذ الأمر يثقل قلب الفتاة يوما بعد يوم حتى قررت أنها يجب أن تنقذ إخوتها , وهكذا لم تعرف طعم الراحة حتى تسللت خفية , وانطلقت إلى العالم الكبير باحثة عن إخوتها لتحررهم من تلك اللعنة مهما كلفها الإمر. لم تأخذ معها إلا خاتم صغير لوالديها كتذكار ، و كسرة خبز لتقيها الجوع ، و جرعة ماء لتقيا العطش ، و كرسي صغير من أجل تعب الطريق . من هنا أخذت الفتاة الصغيرة تسير و تسير بلا توقف ، و بعيدا بعيدا حتى وصلت إلى آخر العالم ، فتابعت إلى الشمس ، لكنها كانت حارة جدا ، و مخيفة ، و شهيتها مفتوحة للأطفال الصغار .. فهربت الفتاة سريعا إلى القمر الذي كان هو الآخر في غاية البرودة ، و كذلك مرعب ، و شرير جدا ، و عندما لمح الفتاة الصغيرة قال :
- أنا أشـُم ... أنا أشـُم رائحة لحم إنسان !
و هكذا انطلقت الفتاة سريعا و لجأت إلى النجوم التي كانت حنونة و طيبة معها ، و كل نجمة كانت قد جلست على مقعدها الخاص ، لكن نجمة الصباح قامت ، و أهدت الفتاة الصغيرة ساق دجاجة ، و قالت :
- بدون ساق الدجاجة تلك لن تستطيعي فتح بوابة الجبل الزجاجي .. و في الجبل الزجاجي يسكن أخوتك
أخذت الفتاة ساق الدجاجة ولفتها جيدا في قطعة من القماش ، وانطلقت مرة أخرى في طريقها حتى وصلت إلى الجبل الزجاجي ، و عندما وجدت الباب مغلقا أرادت أن تخرج ساق الدجاجة لتفتحه ، لكن ما أن حلّت الفتاة قطعة القماش حتى و جدتها خالية و قد فقدت هدية النجمة الطيبة . ماذا ستفعل الآن ؟ .. لقد كانت تتمنى أن تنقذ أخوتها ، و الآن لم يعد لديها مفتاح للجبل الزجاجي . الأخت الطيبة فكرت قليلا ، ثم أخرجت سكينا و قامت بقطع أصبع من أصابعها الصغيرة ، و وضعته في القفل ، و نجحت أخيرا في فتح باب الجبل الزجاجي .
عندما تقدمت الفتاة إلى الداخل اقترب منها قزم ، و قال :
- بنيتي الصغيرة .. عمّ تبحثين ؟
فقالت الفتاة :
- أنا أبحث عن إخوتي .. الغربان السبعة
فرد القزم :
- إن سادتي الغربان ليسوا هنا الآن ، لكن – إن أردت – يمكنك انتظارهم
قالها ، و راح يعد العشاء للغربان في سبعة أطباق صغيرة ، و سبعة أكواب .. فأخذت الفتاة الصغيرة قضمة من كل طبق ، و رشفة من كل كوب ، وفي الكوب الأخير أسقطت الخاتم الذي كانت تحمله معها .
و فجأة .. سمعت صوت حفيف ، و حركة في الهواء ، فقال القزم :
- أنهم سادتي الغربان قد وصلوا
عندها دخلوا و أرادوا أن يتناولوا عشاءهم فبحثوا عن أطباقهم ، و أكوابهم ، لكنهم أخذوا يصيحون واحدا وراء الآخر :
- من أكل من طبقي .. من شرب من كوبي .. أنها آثار فم إنسان !
- من أكل من طبقي .. من شرب من كوبي .. أنها آثار فم إنسان !
حتى وصل سابعهم إلى قاع كوبه وتدحرج الخاتم إلى منقاره , وعندما رآه عرف أن ذلك الخاتم يخص أباه وأمه , فصاح :
- لكم أتمنى ان تكون أختنا هنا الآن..عندها فقط نصبح أحرارا
وعندما سمعت الأخت التى كانت تختفى خلف الباب تلك الأمنية..انطلقت إليهم , وفى تلك اللحظة عاد الغربان السبعة إلى صورتهم الآدمية من جديد , فأخذوا يتعانقون ويقبلون بعضهم بعضا , وعادوا جميعا إلى المنزل
ليعيشوا فى سعادة وهناء.



-------------------------
1) العماد هو طقس ديني في المسيحية يتم في الكنيسة عادة ، و يتم فيه غمر الطفل بالماء الطاهر في طقوس خاصة و بدون العماد لا يقبل الإنسان كمسيحي بعد الموت




The Seven Ravens By Jacob and Wilhelm Grimm

الأخوان غريم: ياكوب غريم (Jacob Grimm) - (هاناوْ، 1785 م- برلين 1868 م) وأخوه فيلهلم غريم (Wilhelm Grimm) - (هاناو، 1786 م- برلين، 1859 م). كان الأول لغويا وكاتبا ألمانيا. قام بمعية أخيه بتجميع العديد من القصص الشعبية الألمانية وتخريجها في كتاب (حكايات للأطفال).ومن بين هذه القصص قصة بيضاء الثلج وذات الرداء الأحمر. "المصدر : ويكيبيديا"


الخميس، ١٩ يونيو ٢٠٠٨

إلى جيَن و حدها ( فيكتور هوجو ) ترجمة محمد عبدالحي


لا أتعب رأسي
بالأبرشيات و لا بأبراج الكنائس
لا أعرف أي شيء عن الملكة
و لا أعرف أي شيء عن الملك
أجهل ، و أعترف بذلك
إذا ما كان الرب متكبرا ،
و إذا كان الراعي يتلو القداس
باليونانية أو اللاتينية
أو إذا كنت أرغب في البكاء أو الرقص
أو تلك الهمهمة التي بينهما
لكن ، أوتعرفين ما يهمني يا "جين" ؟
هو أني أحب
أوتعرفين بما أحلم "جين" ؟
أنها حركة قدميك
الأشبه بقفزة العصفور
عندما تعبرين غديرا
أوتعرفين ما يحزنني ؟
أنه عبر الأفق "جين"
هناك سلسلة خفية
تشدني إلى بيتك
أوتعلمين ما يضايقني ؟
أنه ذلك السحر "جين"
الذي تسحرين به إلى أنواء
ذلك الطقس المحب الذي بقلبي
أوتعرفين ما يشغلني يا "جين " ؟
هو أني أحب أقل زهرة في تنورتك
أكثر من كل نجوم السماء




------------- هامش
قصيدة إلى جين وحدها هي واحدة من قصائد البدايات للكاتب الكبير فيكتور هوجو صاحب التراجيديات الشهيرة "البؤساء" و "أحدب نوتردام"و ذلك من دواعي طرافة القصيدة التي تتمتع بقدر كبير من الرقة و العذوبة . كنت قد تعرفت على القصيدة من كتاب للدكتور رائف بهجت يتناول بالترجمة و الشرح بعض عظماء الشعر الفرنسي . و من الإشارات الذكية التي أوردها الدكتور رائف بهجت عن تلك القصيدة : أن الشاعر تناول في مطلع القصيدة أكبر قضايا عصره من قضية الملكية و الجمهورية إلى الخلاف المذهبي المسيحي الكبير في ذلك الوقت و انسرب منه إلى غزل رقيق لا يعبأ بأي من تلك القضايا الكبرى .. سوى بالطبع قضية الحب
إلى جين و حدها و أغنية العاشق ج ألفريد بروفروك هما نموذجاي الفريدان عن كيف يكون الشعر و الآن و قد ترجمتهما معا قد ارتاح ضميري
Pour Jeanne seule de Victor Hugo

الأحد، ١١ مايو ٢٠٠٨

عندما تصبحين عجوزا (ويليام بتلر ييتس) ترجمة محمد عبد الحي

عندما تصبحين عجوزا ، رمادية ، و ممتلئة بالنعاس
و بينما رأسك الوسنان يثقل بالقرب من المدفأة ، فلتتناولي هذا الكتاب
و لتقرأي ببطء ، و لتحلمي بتلك النظرة الناعمة
التي كانت لعينيك ذات مرة ، و بظلهما العميق
لكم عشق الكثيرون لحظات نعيمك و فرحك
و عشقوا جمالك بحب كاذب ، أو صادق
لكن رجلا واحدا فقط هو من عشق الروح الرحالة داخلك
و عشق الحزن في و جهك المتغير .
و منحنية بجوار قضبان المدفأة اللامعة
لتتمتمي - بقليل من الحزن - عن كيف فر الحب
و أسرع مبتعدا فوق الجبال العالية
مخفيا وجهه بين حشد من النجوم .



مضيفي الهواء (ويليام بتلر ييتس) ترجمة محمد عبد الحي

"أودريسكول" قد أفزع بأغنيته
إناث و ذكور البط البري
من بين حشائش البوص الطويلة ، المتشابكة
لبحيرة "هارت" الموحشة .
و رأى كيف تظلم حشائش البوص
عند حلول موج الليل ،
و حلم بالشعر الطويل الفاحم
لـ "بريدجيت" عروسه .
لقد سمع بينما كان يغني و يحلم
نايا يصفر على مهل
و أبدا لم يكن صفيرا حزينا
و أبدا لم يكن صفيرا سعيدا .
و قد رأى شباب و شابات يرقصون في مكان مستوٍ
و "بريدجيت" عروسه من بينهم
بوجه حزين و سعيد .
الراقصون جميعا تحلقوا حوله ،
و أشياء جميلة قد قيلت ،
و شاب أحضر له نبيذ أحمر
و شابة أحضرت له خبزا أبيض
لكن "بريدجيت" جرّته من كمه
بعيدا عن تلك الصحبة المرحة
إلى رجال كهول يلعبون الورق
بارتعاشة في أيديهم العتيقة .
النبيذ و الخبز إذن قد حانت نهايتهم
لكن ، ومن أجل هؤلاء الذين كانوا مضيفي الهواء
جلس هو ، و لعب بينما كان يحلم
بشعرها الطويل الفاحم .
لعب هو مع الكهول المرحين
و أبدا لم تراوده الظنون الشريرة
حتى أخذ أحدهم "بريدجيت" عروسه
بعيدا عن الرقصة المرحة
أخذها بعيدا بين ذراعيه
أكثر الشبان و سامة هناك
بينما رقبته ، و صدره ، و ذراعاه
قد غرقوا تماما في شعرها الأسود الفاحم .
"أودريسكول" بعثر الأوراق
و هب من حلمه صاحيا
و الكهول ، و الشبان ، و الشابات
تلاشوا كمتطاير الدخان
لكنه سمع عاليا في السماء
نايا يصفر على مهل
و أبدا لم يكن صفيرا حزينا
و أبدا لم يكن صفيرا سعيدا .




القط و القمر (ويليام بتلر ييتس) ترجمة محمد عبد الحي

القط جرى هنا و هناك
و القمر دوّم و دار كنحلة 1
و أقرب أقارب القمر
- القط المخرفش - قد نظر لأعلى .
"ميناوش" الأسود حدق في القمر
حيث أن - ما بين تجواله و موائه -
كان الضوء الصافي البارد في السماء
قد أقلق دمه الحيواني
"مينالوش" جرى بين الحشائش
رافعا أقدامه الدقيقة ...
هل ترقص يا "مينالوش" .. هل ترقص ؟
فعندما يلتقي اثنان من أقرب الأقرباء
ما الأفضل من دعوة للرقص ؟!
فربما يتعلم القمر
- تِعبا من سمته المحافظ -
استدارة رقص جديدة .
"مينالوش" خرفش بين الحشائش
من مكان يضيئه القمر إلى آخر
و القمر المقدس فوق رأسه
قد اتخذ شكلا جديدا .
هل يعلم "مينالوش" أن حدقتاه
سوف تعبران من تغيير إلى تغيير
و من الاستدارة إلى الهلال
و من الهلال إلى الاستدارة 2
سوف تتراوحان .
" مينالوش" يخرفش عبر الحشائش
و حيدا ، مُهما ، و حكيما
و يرفع إلى القمر المتغير
عيناه المتغيرتان .




-------- هوامش :
1- يقصد نحلة الأطفال المخروطية التي تدار بحبل فتدور على شكل دوامات
2- حدقتا القط مدورتان ، لكن في الضوء الشديد تتحول الحدقتان إلى الشكل الهلالي أو كالعدسات محدبة الوجهين



مصالحة (ويليام بتلر ييتس) ترجمة محمد عبد الحي

ربما يكون قد لامك البعض لأنك رحلتِ
بتلك القصائد التي كانت ستحركهم في ذلك اليوم
عندما تصم الآذان ، و تعشى الأبصار
بالضياء ، قد رحلتِ عني ، و عندها لم أجد
شيئا لأكتب عنه أغنية سوى الملوك
الخوذ و السيوف .. و أشياء شبه منسية
كانت تشبه الذكريات عنكِ .. لكن الآن
سوف نخرج - إلى العالم الذي يعيش منذ الأذل -
و بينما نحن مستغرقين في نوبات الضحك و البكاء
طوحي بالخوذ و التيجان و السيوف في حفرة .
و الآن - عزيزتي - لتضمينني إليك ؛ فمنذ أن رحلتِ
و أفكاري العارية تجعلني أرتعش بردا حتى العظام



الأحد، ٦ أبريل ٢٠٠٨

أغنية حب ج.ألفريد بروفروك ( توماس ستيرانز إليوت) ترجمة محمد عبدالحي

S'io credess che mia risposta fosse
A perona che mai tornasse al mondo
Questa fiamma staria senza piu scosse
Ma perciocche giammai di questo fondo
Non torno vivo alcun , s'iodo il vero
Senza tema d'infamia ti respondo


لنمض إذن .. أنت و أنا
عندما ينتشر المساء في السماء
كمريض مخدر على سرير
لنسري في تلك الشوارع الشبه مهجورة
ذلك المأوى المدمدم
لليالي الأرق في "فنادق الليلة الواحدة" الرخيصة
و المطاعم المفروشة بنشارة الخشب و أصداف المحار
الشوارع التي تتابع كجدال ممل
ذو نوايا خبيثة
في أن يدفعك لسؤال ملح
آه .. لا تسأل "ما هو ؟" .. دعنا نمض ، ونقم بزيارتنا


في الحجرة النساء تروح و تغدو
متحدثات عن مايكل أنجلو


الضباب الأصفر الذي يحك ظهره في خصاص النافذة
الدخان الأصفر الذي يحك أنفه في خصاص النافذة
دس لسانه و قام بلعق زوايا المساء
و تسكع فوق البرك التي تجمعت في مصارف الأمطار
و ترك ليسقط على ظهره الصناج المتهاوِ من المداخن
و انزلق عبر الشرفة ، و قام بقفزة مفاجئة
و عندما رأى أن ما هي إلا أمسية من أمسيات أكتوبر الناعمة
تكور على نفسه بجوار المنزل ، وراح في النعاس


بالتأكيد سيكون هناك وقت لذلك الدخان الأصفر الذي ينزلق بطول الشارع
حاكا ظهره في خصاص النافذة
سيكون هناك و قت .. سيكون هناك و قت
لتعد وجها لتقابل به تلك الوجوه التي ستقابلها
سيكون هناك و قت لتقتل و تخلق
و وقت لكل أعمال و أيام الأيدي
التي ترفع سؤالا ، و تلقيه في طبقك
وقت لك ، و وقت لي
و وقت أيضا لمائة تردد
و لمائة رأي و إعادة نظر في ذلك الرأي
من قبل تناول قطعة توست ، وبعض الشاي .


في الحجرة النساء تروح و تغدو
متحدثات عن مايكل أنجلو


و بالتأكيد سيكون هناك و قت
لأتساءل : "هل أجرؤ ؟" ، و .. "هل أجرؤ ؟"
وقت لألتف متراجعا و أهبط السلم
ببقعة صلعاء في منتصف شعري
[ سيقولون : يالشعره وقد بدأ يخف ]
بممعطفي الصباحي و ياقتي المنشاة الواصلة إلى ذقني
رباط عنقي الفخم المحافظ و المثبت بدبوس بسيط
[ سيقولون : لكن ما أنحف ذراعاه و ساقاه ]
هل حقا أجرؤ
على أزعاج العالم ؟
ففي الدقيقة هناك وقت
لقرارات ، و لإعادات نظر في هذه القرارات
مما سوف تعكسها تماما دقيقة أخرى !


ذلك لأنني قد عرفتهم جميعا بالفعل ، عرفتهم كلهم
قد عرفت الأمسيات و الإصباحات و الأصائل
لقد أفرغت عمري كله بملاعق القهوة
أعرف تلك الأصوات التي تتوارى بوقع خافت
خلف الموسيقى الآتية من غرفة بعيدة
فكيف إذن أجرؤ ؟


و لقد عرفت العيون بالفعل ، عرفتهم كلهم
العيون التي تحبسك في الجمل المقولبة
و عندما أقولب مفرودا على مسمار
عندما أمسمر متلويا على الحائط
كيف إذن قد أبدأ
في بصق كل النهايات الخرقاء لطرقي و أيامي ؟
و كيف قد أجرؤ ؟


و لقد عرفت الأذرع بالفعل ، عرفتهم كلهم
أذرع مأسورة و بيضاء و ناعمة
[لكن في ضوء المصباح مكسوة بزغب بني خفيف ]
أعطر من أحد الفساتين
ذلك الذي يجعلني أستطرد هكذا !
أذرع تتمدد بطول المنضدة ، أو تلتف حول شال
و هل ينبغي لي أن أجرؤ الآن ؟
و كيف تراني قد أبدأ ؟


أينبغي أن أقول : لقد جست خلال عتمة الليل خلال الشوارع الضيقة
وشاهدت الدخان المتصاعد من غلايين الرجال الوحيدين
مشمري الأكمام ، و هم يطلون من النوافذ
كان يجدر بي أن أكون زوج من المخالب الثائرة
يخمش في قيعان بحار الصمت
و في الأصيل - أو المساء - ينام في غاية الهدوء
ممسد بأصابع طوال
نائم .. تعِبا ، أو متمارضا
ممدد على الأرض هنا بجوارك ، و بجواري


أيجب علي بعد الشاي ، و الكعك ، و قطع الثلج
أن أتحلى بالقوة لدفع اللحظة إلى نقطتها الحرجة ؟
لكن .. و برغم أني قد بكيت و صمت ، بكيت و صليت
برغم أني قد رأيت رأسي الآخذ في الصلع
مجلوبا على طبق
فأنا لست نبيا ، و هذا ليس بالأمر الجلل على أية حال
فلقد رأيت لحظات مجدي تتألق
و لقد رأيت "ذو الأقدام الضخمة" الأبدي يحمل معطفي و حذائي
و للحظة .. ارتعبت


و هل ترى الأمر كان يستحق بعد كل هذا ؟
بعد الفناجين ، و المربى ، و الشاي
بين أطقم البورسلين ، و بعض الحديث بيني وبينك
أتراه كان يستحق و لو قليلا
أن تقطع الحديث فيه بابتسامة
أن تضغط العالم كله في كرة
لتدحرجها تجاه سؤال ملحاح
لتقول :
"أنا جثة حية - قادم إليكم من عالم الأموات -
رجعت لأخبركم بكل شيء ، يجب أن أخبركم عن كل شيء"
إذا كانت واحدة تستند برأسها إلى و سادة
يجب أن تقول :
" ليس هذا ما قصدته على الأطلاق
ليس هذا على الأطلاق "


و هل ترى الأمر كان يستحق بعد كل هذا
أتراه كان يستحق ولو قليلا
بعد لحظات الغروب ، و أفنية المنازل ، و الشوارع المرشوشة
بعد الروايات ، بعد فناجين الشاي ، بعد الجيبات التي تجرجر بطول الأرضية
بعد هذا كله و غيره الكثير
أنه يستحيل أن تقول بالتحديد ما أعنيه
إلا كما يلقي مصباح زجاجي مسحور بالعصبية على أشكال الظل التي يصنعها على الشاشة
أتراه كان يستحق ولو قليلا
إذا كانت واحدة تستند إلى و سادة أو تلتف بشال
و تستدير إلى النافذة ، يجب أن تقول :
" أنه ليس هذا على الإطلاق
ليس هذا ما قصدته ، على الإطلاق "


لا ! .. لست أنا بالأمير "هاملت" و لا ينبغي لي أن أكونه
ما أنا إلا لورد من حاشيته .. شخص قد يؤدي
لتحريك الأحداث ، يبدأ مشهدا أو مشهدين
و - بالطبع - ينصح الأمير ، سهل الانقياد
في الغالب يسعد لكونه نافعا
سياسي ، حذر ، موسوس
ملئ بالألفاظ الرنانة ، لكن يصعب فهمه بعض الشيء
في بعض الأوقات - أو في الواقع دائما - ما يكون سخيفا
و في الغالب - أو أحيانا - ما يكون المهرج


أني أشيخ .. أشيخ
و قد يبدو حجر سرولي الذي أرتديه مجعدا
أيجب أن أفرق شعري إلى الخلف ، ءأجرؤ على أكل كمثرى ؟
ربما يجب أن أرتدي أبيض ، و أتمشى على الشاطيء
لقد سمعت عرائس البحر تغنين لبعضهن البعض
و لا أعتقد أنهن سيغنين لي
لقد رأيتهن يركبن - ناحية البحر - على الأمواج
متشبثات بشعر الموج الأبيض المعقوص للخلف
عندما تبعثر الرياح المياه البيضاء و السمراء
لقد تسكعنا من قبل في غرف البحر
بجوار بنات البحر المكللات بالأعشاب البحرية الحمراء و البنية
حتى أيقظتنا الأصوات البشرية .. من ثم غرقنا


---------- هوامش :

* العبارة باللاتينية في أول القصيدة من جحيم دانتي و تقول فيما معناه :
لو كنت أعلم أن كلامي هذا
لشخص قد يعود إلى الحياة
لكن أحجمت حتما
لكنك بما أنك الآن في مكان لم يعد منه أحد قط
فها أنا أخاطبك بحرية ...

* ذو الأقدام الضخمة أو The Big Foot هو وحش أسطوري يعيش في المناطق الشمالية
ويطلق عليه أيضا رجل الثلوج




The Love Song of J. Alfred Prufrock , T.S.Eliot



الخميس، ٢٠ مارس ٢٠٠٨

من الهندي إلى محبوبته (ويليام بتلر ييتس) ترجمة محمد عبد الحي

الجزيرة تحلم تحت ضوء الفجر
و الأغصان الضخمة تطرح السكينة
الطواويس ترقص على المروج الناعمة
و ببغاء يتأرجح على شجرة
مشاكسا صورته على صفحة البحر المصقولة ...
هنا سوف نرسي سفينتنا الوحيدة
و نتجول إلى الأبد مشبكي الأيدي
متمتمين بنعومة من شفة لشفة
بامتداد الحشائش وبامتداد الرمال
متمتمين عن كيف هي بعيدة تلك البلاد الصاخبة
و كيف أننا من بين كل البشر
قد اختبأنا تحت الأغصان النائية
بينما ينمو حبنا كنجمة هندية
كشهاب لقلب يحترق
متوحدين مع المد الوضاء ، و الأجنحة التي تومض و ترفرف ،
الأغصان الكثيفة ، و اليمامة اللماعة
التي تئن و تتنهد لمائة مرة ..
عن كيف أننا عندما نموت سوف تتجول ظلالنا
عندما يبعث المساء الصمت في الطرقات المكسوة بالريش
بأقدامنا الضبابية ، بالقرب من ألق المياه النعسان



"The Indian to His Love" is reprinted from Crossways. W.B. Yeats. 1889.

مرثية المتقاعد العجوز (ويليام بتلر ييتس) ترجمة محمد عبد الحي

برغم أني أحتمي الآن من الأمطار
تحت شجرة مقطوعة
فإن مقعدي كان دائما الأقرب إلى المدفأة
بين كل صحبة
يتحدثون عن الحب أو السياسة
إلى أن غيرني الزمان .

و برغم أن الرجال يعدون رماحهم مرة أخرى
من أجل مؤامرة ما
و الأوغاد المجانين
يتمادون قدر طاقتهم
في طغيانهم الإنساني
فإن تأملاتي كانت تنحصر في الزمان
ذلك الذي غيرني .

يستحيل أن توجد امرأة قد تدير وجهها
تجاه شجرة مقطوعة
و الآن .. كل ذلك الجمال الذي أحببته
لم يعد له وجود إلا في ذاكرتي
أني لأبصق في وجه الزمان
ذلك الذي غيرني


"The Lamentation of the Old Pensioner" is reprinted from The Rose. W.B. Yeats. 1893.

أتراح الحب (ويليام بتلر ييتس) ترجمة محمد عبد الحي

اشتجار العصافير على الأفاريز
القمر الكامل المستدير ، السماء الموشاة بالنجوم
و الشدو العالي لأوراق الأشجار المغنية أبداً
كانوا قد أخفوا نحيب الأرض القديم المضجر

ثم أتيت أنت بهاتين الشفتين الحزينتين
و معك أتت كل دموع العالم
و كل أحزان سفنها المجهدة
و كل أحزان السنين الطوال

و الآن .. العصافير المتحاربة على الأفاريز
القمر المتخثر الشاحب ، النجوم البيضاء في السماء
و الهتاف العالي لأوراق الشجر الصاخبة
يرتعدون من نحيب الأرض القديم المضجر


'The Sorrow of Love' is reprinted from An Anthology of Modern Verse. Ed. A. Methuen. London: Methuen & Co., 1921

السبت، ٨ مارس ٢٠٠٨

أنه يتذكر الجمال المنسي(ويليام بتلر ييتس) ترجمة محمد عبدالحي

عندما تطوقك ذراعاي
ألصق قلبي بتلك الروعة
التي – مذ زمن – قد تلاشت من الوجود
بالتيجان المرصعة التي طوحها الملوك
في البرك الضحلة ، عندما فرت الجيوش
بقصص الحب التي حاكتها بخيوط الحرير
النساء الحالمات على الأقمشة
التي أتخمت العثة المهلكة
بالورود التي – من قديم – كانت
تجدلها النساء في شعورهن
نساء السوسن البارد كالندى ، و التي سبرت
لمرات عدة ممراً مقدسا
حيث تطلق سحب البخور الرمادية و تتصاعد
- والتي ، فقط عيون الإله هي ما لم تغشاه -
من أجل ذلك النهد الشاحب ، واليد العابثة
الآتين من أرض مثقلة أكثر بالأحلام
و ساعة مثقلة أكثر بالأحلام من هذه الساعة
و عندما تتنهدين بين القبلة و القبلة
فإني أسمع الجمال الأبيض يتنهد هو الآخر
من أجل الساعات التي سيتلاشى فيها كل شيء كالندى
لكن لهب على لهب ، و عمق على عمق
عرش فوق عرش .. حيث في شبه الغفوة
سيوفهم المستندة إلى ركبهم الحديدية
تستولد ألغازها شديدة الوحدة


"He Remembers Forgotten Beauty" is reprinted from The Wind Among the Reeds. W.B. Yeats. London: Elkin Mathews, 1899.

الأربعاء، ٣٠ يناير ٢٠٠٨

عريس البحر المنبوذ (ماثيو أرنولد) ترجمة محمد عبدالحي

تعالوا - أيا صغاري الأعزاء - لنبتعد من هنا
نغوص ، و لأبعد مدى
فالآن ينادي أخوتي المنتظرين بالخليج
الآن تهب الرياح الرائعة قبالة الشاطيء
الآن تنساب الأمواج المالحة منحسرة إلى البحر
الآن تأخذ الخيول البرية البيضاء في اللعب
تتعاض و تتشاحن و تتمايل مع رشات الموج
أيا صغري الأعزاء .. لنبتعد من هنا
وها هو الطريق .. ها هو الطريق


فلتنادوها مرة قبل أن ترحلوا
فلتنادوها الآن
بصوتكم الذي سوف تعرفه
" مارجريت .. يا مارجريت "
ينبغي لصوت الأطفال أن يكون عزيزا
فلتنادوها مرة أخرى - على أذن الأم -
: أصوات الأطفال و قد توحشت بالألم
"!! يالتأكيد ستعود ثانية "
فلتنادوها مرة و لنبتعد
و ها هو الطريق .. ها هو الطريق
أمنا العزيزة .. أنا لا نستطيع البقاء "
" فالجياد البرية البيضاء ترغي و تزبد
مارجريت .. يا مرجريت


تعالو - أيا صغاري الأعزاء - لنغوص مبتعدين
و لا تنادوها ثانية
فلتلقوا نظرة واحدة و أخيرة على المدينة ذات الحوائط البيضاء
و الكنيسة الرمادية الصغيرة على الشاطيء العاصف
ثم غوصوا
فهي لن تأتي ولو ناديتم طوال النهار
ولنبتعد .. لنبتعد


أيا صغاري الأعزاء .. أكان ذلك أمس
أحقا سمعنا الأجراس العذبة عبر الخليج
في الكهوف حيث كنا نتمدد
عبر سطح المياه ، وخلال الموج
أسمعنا الصوت البعيد لجرس فضي
في الكهوف المفروشة بالرمال - الباردة العميقة - حيث
الرياح قد نامت تماما
حيث الأضواء الخافتة ترتعش و تومض
حيث تتمايل أعشاب البحر مع التيار
حيث تتغذى الحيوانات البحرية - متحلقين في دائرة - على
الرواسب في أرض مرعاهم
حيث تتحلزن ثعابين الماء و تتضافر
و تجفف حراشفها و تستدفئ في المياه شديدة الملوحة
حيث تعبر الحيتان الضخمة مبحرة
تبحر ، وتبحر - دون أن يغمض لها جفن - حول العالم
و إلى أبد الآبدين
متى مرت الموسيقى من هنا
- أيا صغاري الأعزاء -
أكان ذلك أمس ؟


أيا صغاري الأعزاء .. أكان ذلك أمس
فلتنادوها مرة أخيرة - عندما ذهبت ؟ -
ذات مرة كانت تجلس معكم و معي
على عرش من الذهب الأحمر في قلب البحر
بينما أخذت صغراكم على ركبتيها
تمشط لها شعرها ، وتعقصه لها بإحكام
عندما هبط ألينا متهاديا صوت الجرس البعيد
فتنهدت ، و نظرت لأعلى عبر البحر الرائق .. قالت
يجب أن أذهب للصلاة مع قومي
في الكنيسة الرمادية الصغيرة على الشاطيء .. اليوم
أنه سيكون عيد الفصح في العالم كله .. حسرة علي
بينما أنا أخسر روحي المسكينة - أيا عريس البحر - هنا بجوارك
قلت : فلتصعدي - أيا حبيبتي - عبر الأمواج
ولتتل ِ صلواتك ، ثم عودي إلى كهوف البحر الطيبة
فابتسمت هي ، وانطلقت صاعدة عبر السطح إلى الخليج
أيا صغاري الأعزاء .. أكان ذلك أمس ؟


أي صغاري الأعزاء .. ألنا كثير وحدنا ؟
إن البحر يثور ، و الصغار يبكون
و قد طالت الصلاة - هكذا قلت - في العالم الذي يقولون عنه
تعالوا .. هكذا دعوتهم ، و صعدنا عبر السطح إلى الخليج
مجتازين الشاطيء إلى المنحدر الرملي
حيث تزهر مخلفات البحر للمدينة ذات الحوائط البيضاء
و خلال الشوارع الضيقة المبلطة ، و التي قد سكن فيها كل شيء
إلى الكنيسة الرمادية الصغيرة على التل العاصف
من الكنيسة أتت إلينا أصوات القوم الذين يتلون صلواتهم
لكننا و قفنا في الخارج وسط هبوب الرياح الباردة
و تسلقنا القبور ؛ على الشواهد الصخرية التي أبلتها الأمطار
فاستطعنا أن نرى ممشى الكنيسة المؤدي للمذبح عبر أسياخ السياج المطلية بالرصاص
كانت تجلس بجوار العمود .. لقد رأيناها بوضوح
" مارجريت .. بست ، تعالي بسرعة .. أننا هنا "
" يا حبيبتي - هكذا قلت - أن لنا كثير وحدنا "
" والبحر يثور ، و الصغار يبكون "
لكن آه .. أنها لم تمنحني ولا حتى نظرة
فعيناها كانتا ملتصقتين بالكتاب المقدس
و القس أخذ يرتل بصوت عال ، و صفق الباب في و جوهنا
فلنبتعد أيها الصغار ولا تنادوها ثانية
فلنبتعد ، ولنغوص ، ولا تنادوها ثانية


نغوص ، نغوص ، نغوص
نغوص لأعمق أعماق البحر
أنها الآن تجلس إلى عجلتها في المدينة المهمهمة
تغني في قمة السعادة ،
أسمعوا ماذا تغني : " ليعم الفرح .. ليعم الفرح
بالشارع المغمغم ، و الطفل لاهيا بلعبته
و القس ، و الجرس ، و البئر المقدسة
بعجلتي التي أغزل عليها
" ولنور الشمس المبارك
و هكذا تغني جهد طاقتها
تغني في قمة سعادتها
إلى أن يسقط المغزل من يدها
و تسكن عجلتها الطنانة
فتتسحب إلى النافذة ، وتنظر إلى الرمال
ثم تتجاوز الرمال إلى البحر
حتى تستقر عيناها على نجمة
و هناك .. أبدا لآ تتنهد
و هناك .. أبدا لا تذرف دمعة
من عيون غامت بسحب الحزن
و قلب مفروش بالأسى
تنهيدة طويلة .. طويلة
على عيون باردة ، غريبة لعروس بحر صغيرة
و تلألوء شعرها الذهبي


فلنبتعد .. فلنبتعد بعيدا أيها الأطفال
وتعالوا أيها الأطفال .. تعالوا لنغوص
الرياح بصوتها الأجش تهب باردة
فتسطع الأضواء في المدينة
و سوف تهب هي من نعاسها
عندما ترج العواصف الباب
سوف تسمع الرياح تعوي
سوف تسمع الموج يزأر
أما نحن فسنرى
بينما الأمواج فوقنا تزأر و تدوِّم
سقف من الكهرمان
و أرض من اللآلئ
مغنين : "هنا .. قد أتت ألينا أنسانة فانية
لكنها كانت في قمة الجحود
و هكذا سنقبع في وحدتنا إلى الأبد
" نحن ملوك البحر
لكن - أيها الأطفال - عند انتصاف الليل
عندما - ناعمة - تهب الرياح
و - صافيا - يسقط ضوء القمر
و يكون المد الربيعي منخفضا
و الهواء العليل يهب ناحية البحر
من المروج المتلألئة بالأزهار
و الصخور العالية تلقي بخفة
على الرمال الشاحبة بعض الظلال
من مكاننا على الشواطيء المتلألأة
من الخلجان حيث نتمدد
من فوق الشواطيء المغطاة بأعشاب البحر اللامعة
و قد تركها المد المنحسر حافة
سوف نحدق من فوق تلال الرمال
في المدينة البيضاء النائمة
في الكميسة الواقفة على التل
: ثم نهبط لنغوص من جديد، مغنين
هناك .. تقبع لنا محبوبة "
لكنه في قمة القسوة
فهي تركتنا إلى الأبد في الوحدة
" نحن ملوك البحر

الأحد، ٢٥ نوفمبر ٢٠٠٧

الحكماء الكهول يبجلون أنفسهم في الماء (ويليام بتلر ييتس ) ترجمة محمد عبد الحي



لقد سمعت آباءنا الكهول يقولون:

"كل شيء يتبدل

وواحد  بعد واحد سوف نقطر لنهايتنا"

كانت لهم أيدٍ كالمخالب، وركبهم

كانت ملتوية كأشجار الشوك العتيقة

بجوار المياه

"كل ما هو جميل ينسرب لنهايته

تماما كالمياه"

 

"The Old Men Admiring Themselves in the Water" is reprinted from In the Seven Woods. W.B. Yeats. New York: Macmillan, 1903.